هل حقاً المرأة ناقصة عقل؟!
بقلم: عبد الهادي صالح التويجري
مفكرة الإسلام:
عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه قال:
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجماعة من النساء فقال:
"ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن"،
قالت إحداهن:
وما نقصان العقل والدين؟!
قال:
"أما نقصان العقل فشهادة امرأتين شهادة رجل،
وأما نقصان الدين فإن إحداكن تفطر رمضان وتقيم أيامًا لا تصلي".
إذا النقصان في الدين لدى المرأة معلوم بأنه الإمساك عن بعض العبادات مثل الصلاة والصوم والطواف بالبيت وقراءة القرآن أثناء فترة الطمث،
ولكن ما هو النقصان في العقل؟!
العقل في اللغة هو الضبط والتثبيت،
يقال:
عَقَلَ الناقة أي ثبتها في مكانها.
وعلميًا
والكثيرون يعتقدون أن العقل هو المخ وهذا غير صحيح؛
لأن القرآن الكريم عبر عن المخ بلفظ "القلب"
قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا}
(الحج ـ 46).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:
"التقوى هاهنا"
وأشار إلى صدره, أي منطقة القلب.
ويبدو ـ والله أعلم ـ وجود علاقة متلازمة بين المخ والقلب لم يتوصل إليها العلم إلى الآن.
إذن نقصان العقل لا يعني نقصان المخ,
وبالتالي نقصان الذكاء وعدم القدرة على التفكير,
وإنما يعني أن هناك تغليبًا للجانب العاطفي الشخصي على التفكير المنطقي الصحيح لبعض القضايا التي تحيط بالمخ في لحظة معينة,
ولعل في غيرة أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ ما يوضح ذلك
عندما دخل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وبيده طبق من الحلوى
أهدته إياه أم المؤمنين حفصة ـ رضي الله عنها ـ فرمته السيدة عائشة على الأرض وهي غضبى,
فقال الرسول متبسمًا: "لقد غارت أمكم".
فهاهي أم المؤمنين تتصرف
كأية امرأة تغار على زوجها,
وهي التي روت للأمة أكثر من ألفي حديث.
وهذا ما وجده العلماء في الوقت القريب جدًا.
حيث وجد أن مراكز العاطفة لدى المرأة
تجعل المرأة متفوقة على الرجل
ويتفوق هو عليها
تبدأ الاختلافات التشريحية بين مخ الذكر والأنثى
بعد 18 ـ 26 أسبوعًا من الحمل،
ويرجع ذلك إلى أن خصيتيْ الجنين الذكر
الذي يغير تركيب مخ الذكر عن الأنثى تغييرًا دائمًا,
فيتحول إلى "مخ رجولي"،
فقد وجد أن إعطاء إناث حيوانات التجارب
يعطي ذكورًا لا تستجيب لمحفزات يستجيب لها مخ الذكر عادة
ما يدل على عدم تطور المخ الذكري لفقدان هرمون الذكورة،
ووجد مثل هذا التأثير في الإنسان.
كما وجد أن عملية ربط القنوات
لمنع ضخ الهرمون (إخصاء) بعد الولادة مباشرة
الفروق بين المخ الذكري والمخ الأنثوي:
فروق وظيفية.2
الفروق التركيبية:
وجد أن حجم الخلايا العصبية
أكبر حجمًا وأقل عددًا في النساء منها في الرجال.
ووجد أن مخ الرجل غير متماثل؛
لأن الفص الأيسر أكبر من الفص الأيمن,
بينما في المرأة الفصان متماثلان،
أما المادة الرمادية gray matter،
وهي عبارة عن نسيج عصبي يتألف من خلايا عصبية
ذات محاور غير مغطاة بمادة "النخاعين meylin"
وتكون الأجزاء السطحية من المخ والعميقة من الحبل الشوكي
وتعتبر محطة تجميع وتوجيه للإشارات العصبية
التي بدورها توجهها إلى أهدافها،
وجد أن هذه المادة الرمادية توجد بكثافة في المرأة
فيما يعرف بـمنطقة "القشرة الجديدة" من المخ neocortex
(وهي منطقة لها وظيفة متعلقة بالإحساس والحركة واللغة).
أما في الرجل فتتركز المادة الرمادية في قشرة منطقة الذاكرة
والتحكم في الإشارات الحركية من العين والأذن من المخ cortex entorhinal .
وجدت كذلك اختلافات تشريحية بين الرجل والمرأة
مثل التفكير والعواطف
وتسمى "منطقة الترافق higher association cortex"،
فهذه المنطقة غير متماثلة في الرجل؛
حيث الفص الأيسر أكبر من الفص الأيمن,
بينما في المرأة لا يوجد عدم التماثل هذا،
وإن وجد في حالات شاذة فالفص الأيمن أكبر من الفص الأيسر.
ووجد العلماء كذلك
ويقع فوق الأذنين مباشرة
ويختص بالعمليات الرياضية
مثل تقدير المسافات والأبعاد والتصور ثلاثي الأبعاد،
وجد أنه أكبر حجمًا
وهذه المنطقة ميزت مخ العالم آينشتاين عن غيره من العلماء
المهاد البصريthalamus
يتكون من فصين صغيرين
(حجم كل منهما 1 سم3),
ويقع كل فص تحت أحد نصفي المخ,
ويرتبطان مع بعضهما بواسطة حزمة ألياف عصبية
ووظيفته إيصال الإشارات العصبية إلى المخ،
وقد وجد أن المهاد البصري في الرجل أصغر منه في المرأة،
أما الكتلة المتوسطة فلا توجد غالبًا عند الرجل,
وإن وجدت فهي أصغر.
ووجد كذلك أن "الجسم الجاسئ corpus collosum"
وجد أنه في المرأة أصغر منه في الرجل،
أما الجزء الخلفي من الجسم الجاسئ،
ويسمى splenium,
فهو أعرض في المرأة وشكله صولجاني كالمصباح,
بينما في الرجل شكله أسطواني.
هناك أيضًا اختلاقات تركيبية بين الرجل والمرأة
المسماة "تلافيف هشل Heschl's gyrus"،
وله علاقة بالغة بالسمع،
حيث وجد أن هذه المنطقة في النساء
كما أنها أكثر تماثلاً من الرجال.
كما وجد أن الرابط الأمامي anterior commissure
وجد أنه في المرأة أكبر منه في الرجل.
ووجد العلماء أن مخ المرأة أسرع نموًا
بستة أضعاف,
بينما مخ الرجل أسرع نموًا
بستة أضعاف
منه في المرأة في مناطق التصور الفراغي والرياضي وتحديد الأهداف.
الفروق الوظيفية:
باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي MRI
لمسح المخ لدى عدد من الرجال والنساء
أثناء الاستماع إلى رواية وأثناء الكلام
في النصف الأيسر من المخ إذا كان الرجل يمينيًا,
وفي النصف الأيمن من المخ إذا كان الرجل أعسر،
أي أنها تستخدم جزءًا أكبر من المخ
وهذا ربما يفسر قدرة المرأة على الكلام والاستماع في آن واحد
ولعل هذا أيضًا يفسر تماثل نصفي مخ المرأة,
بينما في الرجل هما غير متماثلين؛
لأن الرجل يستخدم أحد نصفي المخ فقط.
كما أن تركيز المادة الرمادية في مناطق اللغة والكلام في المرأة
التفكير في حل مشكلة:
وجد العلماء أن المرأة تستخدم علامات ظاهرة
بينما يستخدم الرجل أبعادًا تصويرية فراغية
كما أن النساء يشتركن كجماعة واحدة في حل مشكلة ما,
وعادة ما يتعاملن مع عدة مشاكل متلازمة في آن واحد
بينما الرجال يأخذ كل منهم طريقًا للوصول إلى حل للمشكلة
ويقوم كل منهم بالتعامل مع كل مشكلة على حدة.
ووجد العلماء أن المرأة
في أمور الذاكرة والعواطف معًا؛
ولذلك فإن ذاكرة المرأة
بينما في الرجل وجد أن مركزيْ العاطفة والذاكرة
في منطقة تسمى "قرن آمون hippocampus"،
وهي عبارة عن قوس عصبية هي مركز الذاكرة,
وطرفاها هما مركز العواطف
ولذلك فالمرأة أكثر حساسية للأمور العاطفية من الرجل,
وتميل إلى الحديث والحوار،
والنظر للأمور من منظور شخصي
وتستطيع التعبير عن عواطفها بصورة أسهل وأفضل من الرجل.
بينما يميل الرجل إلى نشاطات جسمية مثل الرياضة والنزهة
ولا تتأثر ذاكرته بالعواطف كالمرأة,
كما أنه لا يستطيع التعبير عن عواطفه بسهولة؛
وهذا لأن مركز الذاكرة والعاطفة مدفون داخل المخ.
إن هذه الاكتشافات العلمية حديثة جدًا (منذ عام 1997),
ولم تثبت على قاعدة صلبة تمامًا,
ولكنها تعطي دليلاً على أن مخ الرجل يختلف عن مخ المرأة.
ولابد أن الأبحاث العلمية في المستقبل
ستكشف المزيد عن الخصائص التشريحية التركيبية والوظيفية
لكل من مخ الرجل ومخ والمرأة،
ولكن مجمل القول أن هناك فروقًا تركيبية,
وبالتالي فروقًا وظيفية بينهما تجعل كلاً منهما متميزًا فيما خلق له,
وكل منهما يحتاج إلى الآخر ليكمل ما ينقصه.
وأخيرًا فعليك عزيزي الزوج وعليكِ أيضًا عزيزتي الزوجة
أن تعلما أن الله عز وجل خلق كلاً منكما لهذه الوظيفة وهيأه لها,
فاتق الله في زوجتك
واتقي الله في زوجك,
فكلاكما يكمل الآخر.
المراجع:
2) Chrisine Mack et al , developmental brain research , 1996,95:252-254
3)Tracey Shores et al, PNAS,99:13955-13960,2002
4)Theodore Rabinowics et al, journal of neuropathalogy & exp. Neurology ,1/2002,61/1,46-57
5)C.Good et al,neuroimage,9/2001,14/3,685-700
6) M. fredrickse et al,cerebral cortex,1999,9:896-901
7)L. allen et al, journal of comparative neurology,1991,312:97-104
8)J. Lurito et al, radiology,2001 ,220:202-207
9) N. Sandstrom et al, brain research,1998,6:351-360
10)A. wundelrich et al,nature neuroscience, 4/2000,3/4:404-408 11) W. killgore et al , neuroreport,2001,12:427- 433
12) U. Habel et al, human brain mapping, 2000, 9:226-238
13) Harriet Hanion et al, developmental neuropsychology ,2000,36:9-22